الأربعاء، 31 مارس 2010

لعنة البلهارسيا والسرطان قضيا على حياة .. العندليب والإمبراطور


زكى ..دمعة على وجه السينما المصرية

حليم .. أسمر ملك روحنا

تعادلا فى البداية الصعبة وتوافقا في النهاية المؤلمة فالبداية أمل وتفاؤل فى الغد والنهاية مرض قضى على غد لم يأتي.عاشا حياة قصيرة مليئة بالسعادة والشقاء وحب الجمهور لهما والمعاناة في إخراج أحسن ما لديهما من فن صادق وأداء ممتع لإسعاد الجمهور الذي وضعهما في قلبه فهما أغلى الناس فمن منا لا يسمع العندليب ولا يشاهد الإمبراطور؟فعبد الحليم حافظ ولد في 21 يونيو عام 1929 وتوفى في 30 مارس عام 1977 ولد يتيم وتنقل من ملجأ لأخر في الزقازيق وبين منزل خاله الذي كان له زوجة قست كثيراً على حليم وأشقائه وعندما شب عمل مدرس موسيقى بمدارس الأقاليم للبنات وكانت البداية محبطة بلا أمل لكنه لم ييأس فظل يغنى وإشترك في عدة برامج إذاعية غنائية مع مطربين مثل كارم محمود وفاطمة على وعيشة حسن لكن لم يلتفت له أحد ولمن لا يعرف أن حليم وهو طفل يحبى تعرض لكسر في الركبتين حيث سقط باب فوقه ولم تكن معه أمه لتأخذه في حضنها وتطبطب عليه لأنها رحلت وهى بتلده ولحرمانه من الطفولة وإحساسها ظل حليم لأخر يوم في عمره محبا للأطفال فأثناء تصوير فيلم الخطايا طلبت مديحه يسرى من المخرج حسن الأمام الانصراف عن التصوير في وقت مبكر لتحتفل بعيد ميلاد ابنها عمرو وكانت مفاجأة لها إن تصل المنزل وتجد حليم مع ابنها وأصدقائه ويقول حليم عن حب الأطفال(أنا أحب في الأطفال طفولتي التي لم أعيشها)وبين أول أفلامه لحن الوفاء وأخر أفلامه أبى فوق الشجرة رحلة طويلة من النجاح معطرة برائحة المحاليل والمستشفيات ونزيف الدم والشهرة فلقد تعذب حليم من البلهارسيا التي قضت على استعداده لفيلم جديد باسم (لا) وأغنية (من غير ليه)التي غناها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب. رحل حليم عن عمر 48 سنة وهو في سن صغير ترك لنا ذكرى جميلة وصوت عذب فالجسد فقط هو الذي رحل أما صوته فما زال يرن في أذاننا فعبد الحليم على إسماعيل شبانه ابن زينب عماشة صوت الطرب الذي لا يموت أبداً. أما احمد زكى عبد الرحمن بدوى ابن رتيبة السيد احمد فهو حكاية ليس لها بداية ولا نهاية حدوتة مصرية تـــُحكى بعرق وكفاح إنسان نحت في الصخر فحفر اسمه من ذهب واسمحوا لي أن أقولها صراحة لقد ماتت السينما برحيله فقد عاش هو ورحلت هي فهو البريء والإمبراطور والباشا والبيه البواب وناصر والسادات فنان تلون على جميع الأوجه الصعيدي والفلاح والضابط والصعلوك وبائع السمك والمحامى فاحمد زكى كل الأصناف وكل الألوان من رحم المعاناة خرج .بدا من تحت الصفر ووصل إلى ما وصل إليه بالتعب والكفاح وكان دائما ما يرفض الدوبلير ويقوم بكل المشاهد الصعبة .أدواره كلها (مستر سين)في السينما المصرية وتعالوا معي نتذكر احمد زكى الذي لا يعرف السباحة ينزل في بركة مياه راكدة ويمسك رأس تعبان حقيقي في مشهد التعذيب الذي جمعه مع ممدوح عبد العليم في البريء وفى الهروب جلس زكى على القطار وهو يجرى بأقصى سرعة رافضا الدوبلير وغيرها من الأفلام التي كان يقوم بالتمثيل فيها بكل صدق وبكل جوارحه فهو لم يضحك على جمهوره كان لكل فيلم له رسالة يحترم جمهوره ويقدم له ما يريد بأسلوب راقي فى الأداء و الإخراج فمن منا ينسى صرخاته وصواريخه التي أطلقها مع الراحل عاطف الطيب؟؟؟؟ ( هاتولى ممثل ومخرج دلوقتى يعملوا كده وتبقوا قابلوني لو لقيتم )احمد زكى (18 نوفمبر 1949 -27 مارس 2005) رحل عن عمر يناهز 56 سنة وللصدفة العجيبة فعدد افلامه56 فيلم وانهى حياته الفنية بفيلم لعبد الحليم حافظ الذي كان مطربه المفضل وأمله في تقديم فيلم يجسده على الشاشة الكبيرة لكن السرطان انتصر عليه في النهاية ولم يستطع احمد أن يقاومه بعد صراع بين الاثنين فى ظل فـُـرجة الأطباء على فناننا المحبوب وهو يتركنا للأبد غير قادرين على الفتك بالمرض الذي توغل وانتشر وقتله ويا لعبة الأقدار التي ربطت بين الأسمران ففي 27 مارس أكمل هيثم احمد زكى سن الرشد وكان عيد ميلاده وأيضا نجاحه في السنة النهائية لكليته التي يدرس فيها وفى نفس الشهر رحل حليم وزكى في الربيع التي أصبح ياتى علينا ونحن نشتاق إليهم . نشتاق إلى عصافير الربيع التي طارت ... ثم وقعت. إن احمد زكى وسام على صدر السينما المصرية وحليم وسام على صدر الأغنية المصرية سيظلا إلى الأبد كالبريق في السحاب لم ينطفئ أبدا